اعلان

بحث عن المنمنمات الاسلامية

 بحث عن المنمنمات الاسلامية

المُنَمْنَمَة هي صورة مزخرفة في مخطوط. وقد اشتهرت بها المخطوطات البيزنطية والفارسية والعثمانية والهندية وغيرها، 

وتتواجد أقدم منمنمة للمدينة المنورة في العالم بدارة الملك عبد العزيز في الرياض، وهي عبارة عن رسم وصور زخرفية مرسومة على مخطوطة للمدينة المنورة، يعود تاريخها إلى ما قبل 500 عام.

وفن المنمنمات (Miniatures) فهو فن توشيح النصوص بواسطة التصاوير أو الرسوم التوضيحية المصغرة، ويعتبر أحد أهم فروع الفن الإسلامي وأحد المجالات الفنية في التراث الإسلامي، ويندرج أيضا تحت ما يسمى بـ "فن الكتاب" (Art of Book)؛ وهو فن زخرفة وتذهيب وتزيين وتزويق الكتب أو المخطوطات.

وكلمة منمنمة في المعجم الوجيز تعني الشيء المزخرف والمزركش، ونمنم الشيء أي زركشه وزخرفه، والنمنمة هي التصوير الدقيق الذي يزين صفحة أو صفحات كتاب أو مخطوط، ومظاهرها الدقة في التصوير وتنميق المخطوط بالرسوم والألوان، وهي الصور والرسوم التوضيحية في الكتب والمخطوطات التي أنتجتها الحضارة الإسلامية، وتتميز هذه الصور رغم صغرها بكثرة تفاصيلها ودقتها وكثرة العناصر الفنية أو التشكيلية كالآدمية والحيوانية والنباتية وغيرها.

وفن المنمنمات الإسلامية هو فن التصوير الإسلامي في المخطوطات، وذلك باستخدام تقنية الألوان المائية والذهب على الورق. ويُعرَّف فن التصوير الإسلامي بوجه عام بأنه فن زخرفة المنتجات الحضارية الإسلامية كالعمارة والتحف الفنية (التطبيقية) والورق أو المخطوطات بالصور والرسوم؛ والتي تحتوي على جميع العناصر الفنية التشكيلية كالرسوم الآدمية والحيوانية والنباتية والعمائر والأثاث والتحف بأنواعها.

وبالتالي فإنه لا يمكننا دراسة التصوير الإسلامي إلا من خلال الصور والرسوم على الجدران (العمائر) وعلى التحف الفنية التطبيقية (خزف ونسيج وسجاد ومعادن وغيرها) وكذلك على الورق والمخطوطات.

وهذا النوع من الفن (المنمنمات) هو ما يسمي أيضا بفن تزويق المخطوطات، ومصطلح "التزويق" يختلف عن "التزيين"؛ فإن "التزيين" يعني زخرفة متنوعة ليست لها علاقة بالنصوص مثل الحليات والتذهيب والزخارف الجمالية بأنواعها، ولكن "التزويق" يعني الزخرفة التي تبرز المشاهد في علاقة مباشرة مع النص، أو هي تمثيلات بالأشياء والأشخاص والمشاهد التي تكون في علاقة مع النص المكتوب.

وإن معظم العمائر الإسلامية المتبقية مزخرفة بالكتابات المختلفة والزخارف النباتية والهندسية المتنوعة، ونادرا ما يوجد عمائر مزخرفة بصور أو موضوعات أو مشاهد تصويرية، أما التحف التطبيقية المتبقية فهي قليلة، وتتنوع زخرفتها بين الزخارف الكتابية والنباتية والهندسية وبين الموضوعات والمشاهد التصويرية التي تحوي عناصر آدمية وحيوانية، أما المخطوطات فبالرغم مما تعرضت له من تدمير وتلف إلا أنه ما زال يوجد منها عدد كبير من النسخ المصورة والمزوقة بتصاوير كثيرة يتضح من خلالها طرز وأساليب فنية مختلفة (المدارس) نشأت وتطورت في العصور والأقاليم الإسلامية المختلفة؛ فلذلك تعتبر تصاوير المخطوطات هي المصدر الرئيس والعمود الفقري لدارسة التصوير الإسلامي ومدارسه، حيث كانت المخطوطات ميدانا واسعا للفنانين والمصورين لإبراز مواهبهم الفنية وإرضاء أمزجة رعاة الفنون من الحكام والأمراء وغيرهم.

ولقد نشأ فن المنمنمات الإسلامية بعد استخدام العرب للورق أو الكاغد بعد نقل صناعته من الصين كبديل للرق والبردي، حيث كان العرب بعد الإسلام يكتبون على الرق (الجلد) والبردي المصري في البداية، غير أنهم لم يلبثوا أن استخدموا الورق، وساعد على اتخاذهم للورق أنهم كانوا يشجعون العلم ويحرصون على التدوين والتأليف. وقد عرف العرب صناعة الورق عندما فتحوا بلاد ما وراء النهر واستولوا على بخارى وسمرقند وساروا نحو حدود الصين؛ حيث قام الأمير زياد بن صالح بإدخال هذه الصناعة إلى سمرقند خلال القرن الثامن الميلادي (ق 2هـ) على يد جماعة من الأسرى الصينيين سنة 751م، وعملوا على تحسينها فاستخدموا فيها الكتان والقطن، ومن ثم ازدهرت صناعة الورق في سمرقند وصارت تصدره إلى سائر أنحاء العالم الإسلامي.

ومن أهم الكتب والمخطوطات الأدبية الإسلامية (العربية والفارسية والتركية الجغتائية أو الشرقية) التي تحوي هذا النوع من المنمنمات؛ كتاب "كليلة ودمنة" لعبد الله بن المقفع، و"مقامات الحريري" لأبي محمد القاسم بن علي الحريري، و"الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني، و"دمعة الباكي" لابن فضل الله العمري. و"الشاهنامه" أي "كتاب الملوك" لأبي القاسم الفردوسي، و"المثنوي المعنوي" أي "العروش السبعة" لجلال الدين الرومي، و"خمسة نظامي" أو "الكنوز الخمسة" لنظامي الكنجوي، و"ديوان حافظ" لحافظ الشيرازي، و"بستان سعدي" لسعدي الشيرازي، و"الجلستان" لسعدي الشيرازي، وديوان مير علي شيرنوائي، وغيرهم. ومنها كذلك مخطوطات باللغة الأردية ككتاب "كليات سودا" لميرزا محمد رفيع سودا وغيره.

ومن أهم الكتب والمخطوطات التاريخية الإسلامية (أغلبها فارسية ثم تركية جغتائية وعثمانية) التي تحوي هذا النوع من المنمنمات؛ كتاب "جامع التواريخ" للوزير رشيد الدين، و"تاريخ الطبري" (نسخ فارسية)، و"تيمور نامه" و"أكبر نامه" و"بابر نامه" و"سليمان نامه" وغيرهم.

ومن أهم الكتب والمخطوطات العلمية وشبه العلمية المصورة (أغلبها عربية وفارسية) والتي تحوي هذا النوع من المنمنمات ذات الغرضين الاجتماعي والتعليمي (العلمي)؛ كتاب "الترياق" لجالينوس، و"خواص العقاقير" لديسقوريدس، و"الحيوان" للجاحظ، و"منافع الحيوان" لابن بختيشوع، "عجائب الحيوان" للقزويني، و"مختصر البيطرة" لأحمد بن الأحنف، و"الحيل الجامع بين العلم والعمل" لابن الرزاز الجزري، وغيرهم.

وترجع أهمية دراسة المنمنمات الإسلامية إلى إلقاء الضوء على ألوان الحياة الاجتماعية للمسلمين في العصور الوسطى بل وحتى القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك من خلال رسوم الأزياء وأثاث المنازل والمنشآت المعمارية المختلفة، ورسوم المفروشات والمنسوجات وغيرها، وكذلك رسوم الأدوات والمتعلقات المختلفة. وأيضا في معرفة الأحوال المناخية السائدة ومدى تأثر المصورين بالبيئة المحيطة بهم، وذلك من خلال رسوم الخلفيات الطبيعية. هذا فضلا عن رسوم الأشخاص وملامح وجوههم والتي توضح بجلاء ظاهرة التنوع العرقي في المجتمع الإسلامي.

مقالات ذات صلة

تعليقات