ستاتيات عن وداع
أكره مراسم الوداع، الذين نحبهم لا نودعهم ، لأننا في الحقيقة لا نفارقهم، لقد خلق الوداع للغرباء وليس للأحبّة.
في كل لحظة نلعن الوداع ألف مرة وننهال عليه باللوم والعتب؛ لأنّه يحول دون بقائنا مع من نحب ومن نصادق، ولكن هل فكّرنا يوماً بإلقاء اللوم على اللقاء..!!
لحظات الوداع، لحظات شبيهة بالصدق، كثيفه الفضول بالغة التوتر، تختزل فيها التفاصيل التافهة وتتعامل مع الجواهر، تتألق البصيرة وتتوهج الروح.
ساعاتنا في الحب لها أجنحة ولها في الفراق مخالب وكمْ يَمْضـي الفـراقُ بِـلا لقَاءٍ، ولـكِـنْ لا لـقَــاءَ بِـلا فـراقِ.
هجرت بعض أحبتي طوعاً لأنّني رأيت قلوبهم تهوى فراقي، نعم اشتاق ولكن وضعت كرامتي فوق اشتياقي.
قمة العذاب أنك تشتاق لشخص وأنت تحاول أن تنساه.
أصعب شعور بالدنيا عندما تحب بشكل كبير وتطرد من قلب من تحب دون سابق إنذار .
لحظات الوداع لحظات شبيهة بالصدق، كثيفة الفضول، بالغة التوتّر، تختزل فيها التفاصيل، وتتعامل مع الجواهر، تتألّق البصيرة وتتوهّج الروح.
من مِنا ينسى أصدقاء قضى معهم من الوقت أكثر مما يمضي مع عائلته الخاصة، يقضي معهم وقتاً أكثر مما يمضيه مع نفسه.
من منا لا يحتاج قليلاً من ذلك المزيج السحري، القادر على أن ينسيك همومك، وأسوأ مصائب الدهر بمجرد كونه معك، لأنّك تعرف أنّه سيظل هناك، سيظلّ موجوداً متى احتجته، سيكون بجانبك في أيّ أمر، سيكون لك ناصحاً مساعداً، معيناً، مهنّئاً، مواسياً إذا ألمّت بك الخطوب.
الأيام تذوي يوماَ يوماَ.. والعمر ينقضي شيئاً فشيئاَ.. لحظات أعدها.. بل سويعات أترقبها.. إنها من أصعب اللحظات التي أعيشها هذه الأيام.. تلك اللحظات التي يقف بها شبح الفراق على ناحية طريقي إليها.. فما أستطيع حراكاَ خوفاَ من لقائه.. ومالي سبيل لأنأى عنه.. تلك اللحظات التي سأفارق فيها أعز الناس وأقربهم إلى نفسي.. نعم فهو وداع لأيام معدودة.. لكنها بالنسبة لي سنون وقرون.. حينها أقول ليوم الفراق لا مرحبا ولا أهلا في غد.. إن كان تفريق الأحباب في غد.
أودعكم بدمعات العيون.. أودعكم وأنتم لي عيوني.. أودعكم وفي قلبي لهيب.. تجود به من الشوق شجوني.. أراكم ذاهبون ولن تعودوا.. أكاد أقول إخواني خذوني.. فلست أطيق عيشاً لا تراكم.. به عيني وقد فارقتموني.. إلا يا أخوة في الله كنتم.. على الأزمات لي خير معين.. وكنتم في طريق الشوك ورداً.. يفوح شذاه عطراً في غصوني.. إذا لم نلتق في الأرض يوماً.. وفرق بيننا كأس المنون.
ما أطيب العيش الرغيد بأخوة سكنوا الفؤاد وبددوا أحزاني، سأكون حافظة لهم ومحبة حباً ينجينا من الخسران، أرجو الإله من فضله وعطائه جمعاً وإياهم بخير جنان.
نعم سأرحل.. ولكن من دون وداع.. سأرحل من دون أن يشعر قلبك برحيلي.. سأرحل ولكن أحاول أستجمع أحاسيس قلبي.. ساعدني أيها القلب كي أرحل.
وبعد الفراق.. لا تنتظر بزوغ القمر لتشكوا له ألم البُعاد.. لأنه سيغيب ليرمي ما حمله ويعود لنا قمراً جديد.. ولا تقف أمام البحر لتهيج أمواجه وتزيد على مائة من دموعك لأنه سيرمي بهمك في قاع ليس له قرار ويعود لنا بحر هادئ من جديد.. وهذه هي سنة الكون.. يوم يحملك ويوم تحمله.
يا من يعز عليّ أن أفارقه.. كنت لي في سيري نعم الرفيق.. هل بعد هذا نفترق.. فقلوبنا جُمعت على معنى المحبة في الإله.. هل بعد هذا نفترق.. من سيشاركني سروري.. ويواسيني في حزني.. ويخفف همي.. في هذا الزمان.. فزمان لم أجد فيه صديقاَ.. أشاطره سُروري إن فرحت.. فكيف يكون لي صديقاً.. أنادمه بحزني إن حزنت.. أخيراً أقول لكم وداعاً.. لكن سأكتب لك بقلمك كلمة اللقاء بعد الوداع.. لن تبحث عني يا صديقي.. ولن أبحث عنك لكن سأجد صوتك يتعالى في قلبي.. ويتردد بأذني.. وستجد أصداء أصواتكم تتعالى في قلبك.
تعليقات
إرسال تعليق