عبارات تذلل لله
يا حبيب التائبين، ويا سرور العابدين، ويا أنيس المتفردين، ويا حرزَ اللاجئين، ويا ظهير المنقطعين، يا من أذاق قلوب العابدين لذةَ الحمد، وحلاوةَ الانقطاع إليه، يا من يقبل من تاب، ويعفو عمن أناب، يا من يتأنى على الخطائين، ويحلم عن الجاهلين، يا من لا يضيع مطيعاً، ولا ينسى صفياً، يا من سمح بالنوال، ويا من جاد بالإفضال، يا ذا الذي استدرك بالتوبة ذنوبنا، وكشف بالرحمة غمومنا، وصفح عن جُرمنا بعد جهلنا، وأحسن إلينا بعد إساءتنا.
إلهي إن كان صغُر في جنب طاعتك عملي، فقد كبر في جنب رجائك أملي، إلهي: أنا عبدك المسكين كيف أنقلب من عندك محروماً، وقد كان حسن ظني بجودك أن تقبلني بالنجاة مرحوماً، إلهي: فلا تُبْطِل صدق رجائي لك بين الآدميين، إلهي: سمع العابدون بذكرك فخضعوا، وسمع المذنبون بحسن عفوك فطمعوا.
إلهي كيف أدعوك وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك، مددت إليك يداً بالذنوب مملوءة، ويميناً بالرجاء مشحونة، حُقّ لمن دعا بالندم تذللاً أن تُجيبه بالكرم تفضلاً، إلهي يكون من الفقير المحتاج الدعاء والمسألة، ويكون من الغني الجواد النيل والعطية.
إلهنا لا جمالَ إلا لوجهك، ولا إتقانَ إلا لفعلك، ولا نفاذ إلا لحُكمك، ولا بهجة إلا لعالَمك، ولا نور إلا ما سطع من لَدُنك، ولا صواب إلا في قضائك، ولا حلاوة إلا في كلامك، ولا قِوام إلا بتأييدك، ولا تمام إلا بترتيبك، ولا صلاح إلا بتهذيبك، ولا مَضاء إلا بتسبيبك، ولا هناءة إلا في عطائك، ولا حكمة إلا في أنبائك، ولا أنسَ إلا مع أوليائك، ولا نشرَ إلا لآلائك، ولا بصيرة إلا بإلهامك، ولا سكينة إلا بإلمامك، ولا حجّة إلا في أحكامك، ولا تدبير إلا بين نَقْضك وإبرامك، ولا وصفَ إلا لك، ولا وَجْد إلا بك، ولا توكل إلا عليك، ولا رحمة إلا منك، ولا خير إلا عنك، ولا شرفَ إلا بتشريفك، ولا استبانة إلّا بتعريفك، ولا اهتداء إلا بتوقيفك، ولا إجابة إلا بتلطيفك، ولا رُشد إلا في تكليفك.
إلهنا الرغباتُ بك موصولة، والآمال عليك مقصورة، والنفوس لفضلك ضارعة، والوجوه لوجهك عانية، والأرواح إليك مَشوقة، والأماني بك مَنُوطة، والأيدي نحوك مبسوطة، والهمم إلى طلب مرضاتك مرفوعة، وآلاؤك عند جميع الخلق مشهودة ومسموعة، فآتِنا اللهم من لَدُنك ما لاق بكرمك، وانفِ عنّا ما قد نفانا عن بابك، واشرح صدورنا للثقة بك، ووفقنا لما يُبيِّض وجوهنا عندك، ويُطيل ألستننا في تحميدك وتمجيدك، يا نعم المولى ونعم النصير.
سبحانك من لطيف ما ألطفك، ورؤوف ما أرأفك، وحكيم ما أتقنك، سبحانك من مليك ما أمنعك، وجواد ما أوسعك، ورفيع ما أرفعك، ذو البهاء والمجد، والكبرياء والحمد، سبحانك بسطت بالخيرات يدك، وعُرفت الهداية من عندك، فمن التمسك لدين أو دنيا وجدك، سبحانك سبيلك جد، وأمرك رشد، وأنت حي صمد، سبحانك قولك حُكْم، وقضاؤك حتم، وإرادتك عَزم، سبحانك لا رادّ لمشيئتك، ولا مبدل لكلماتك، سبحانك باهر الآيات، فاطَر السموات، بارئ النَسَمات، لك الحمد حمداً يدوم بدوامك، ولك الحمد حمداً خالداً بنعمتك.
ربِّ كم من نعمة أنعمت بها عليَّ، قَلّ لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها، قَلّ لها عندك صبري، فيا من قَلّ عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قَلّ عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبداً، ويا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً، أعني على ديني بدنيا.
سبحان الذي في السماء عرشه، سبحان الذي في الأرض حكمه، سبحان الذي في القبر قضاؤه، سبحان الذي في البحر سبيله، سبحان الذي في النار سلطانه، سبحان الذي في الجنة رحمته، سبحان الذي في القيامة عدله، سبحان الذي رفع السماء، سبحان من بسط الأرض، سبحان الذي لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه.
سبحان من سبحت له السموات بأكنافها، وسبحان من سبحت له البحار بأمواجها، وسبحان من سبحت له الجبال بأصدائها، وسبحان من سبحت له الحيتان بلغاتها، وسبحان من سبحت له النجوم في السماء بأبراجها، وسبحان من سبحت له الأشجار بأصولها وثمارها، وسبحان من سبحت له السموات السبع والأرضون السبع ومن فيهن ومن عليهن، سبحان من سبح له كل شيء من مخلوقاته، تباركت وتعاليت، سبحانك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك تحيي وتميت، وأنت حي لا تموت، بيدك الخير وأنت على كل شيء قدير.
يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين، يا من ليس معه ربٌّ يُدعى، ويا من ليس فوقه خالق يُخشى، ويا من ليس له وزير يُؤتى، ولا حاجب يُرشى، يا من لا يزداد على كثرة السؤال إلا جوداً وكرماً، وعلى كثرة الحوائج إلا تفضلاً وإحساناً، يا من لا يشغله شأن عن شأن، ولا سمع عن سمع، ولا تشتبه عليه الأصوات، يا من لا تُغلِّطه المسائل، ولا تختلف عليه اللغات، يا من لا يُبْرمه إلحاحُ الملحين، ولا تضجره مسألة السائلين، أذقنا بَرْدَ عفوك وحلاوة مناجاتك.
يا من أشرقت بنورك السموات، وأنارت بوجهك الظلمات، وحجبتَ جلالك عن العيون، فناجاك من بسيط الأرض النبيون والصديقون، فسمعت النجوى، وعلمت السر وأخفى، ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
إلهي ما أُصغي إلى حفيف شجر، ولا صوت حيوان، ولا خرير ماء، ولا ترنم طائر إلا وجدتها شاهدةً بوحدانيتك، دالة على أن ليس كمثلك شيء، وأنك غالب لا تُغلب، وعدل لا تجور.
إلهي سمع العابدون بذكر عذابك فخشعوا، وسمع المذنبون بحسن عفوك فطمعوا، إلهي: إن كانت الخطايا أسقطتني لديك فاعف عني بحسن توكلي عليك، إلهي: لك تسبح كل شجرة، ولك تمجد كل مَدَرة، ولك تسبح الطير في أوكارها، والوحوش في قفارها، والحيتان في قعور بحارها بأصوات خفية، ونغمات بَكِيّة.
يا من لا تمل من حلاوة ذكره ألسنة الخائفين، ولا تَكِلُّ من الرغبات إليه مدامع الخاشعين، من ذا الذي ذاق حلاوة مناجاتك، فلَهَى بمرضاة بشرٍ عن طاعتك ومرضاتك، أنا عبدك وابن عبدك، قائم بين يديك، متوسل بكرمك إليك، يا من يُعصى ويُتاب إليه، فيرضى كأنه لم يُعْصَ، بكرم لا يوصف، وتَحنُّن لا يُنعت، يا ودوداً لا يعجل على المذنبين، اغفر لي وارحمني يا أرحم الراحمين.
تعليقات
إرسال تعليق