ماذا قالوا عن نهر النيل
"مصر هى هبة النيل"، مقولة "هيردوت" الشهيرة التي توارثها المؤرخون
المصريين القدماء قدسوا نهر النيل وعبدوه، وأسموا فيضانه بالإله (حابى) لأنه أساس وجودهم، فمنه استمدوا التنظيم فى مرافق حياتهم، فقد تعلموا حساب الأيام والسنين وقسموا فصول السنة، كم ساهم فى بناء تفكيرهم، وتكيفهم مع محيطهم، والبحث عن الحلول فى درء خطر فيضانه العظيم، والمخطوطات القديمة المصرية حافلة بأساطير وقصص عن نهر النيل الذى هو رمز الحياة والخصب والتنيل، وخير مصر الوفير وتقول إحدى النصوص: "من يلوث ماء النيل، سيصيبه غضب الآلهة".
وفى العصر الحديث استمر ارتباط المصريين بنهر النيل، وظهر ذلك جليا فى الموروثات الشعبية، التى يعتز بها الشعب المصرى بمختلف طوائفه، على مر العصور، حيث أثرت فى حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفنية والحياتية بمختلف أشكالها المتنوعة.
وتعد أغنية أم كلثوم "النيل" واحدة من أهم ما قدم عن النيل وهى لأمير الشعراء أحمد شوقى ولحنها رياض السنباطى وتقول كلماتها:
من أي عهد في القرى تتدفق وبأي كف في المدائن تغدق
ومن السماء نزلت أم فجرت من عليا الجنان جداولا تترقرق
وبأي عين أم بأية مزنة أم أي طوفان تفيض وتفهق
وبأي نول أنت ناسج بردة للضفتين جديدها لا يخلق
وتلك قصيدة طويلة غنتها أم كلثوم فى احتفالات النيل التى كانت تقام كل عام، وقد غنت أم كلثوم للنيل فى أكثر من موقف، اذ كانت لها أكثر من أغنية منها "سلاما شباب النيل " للشاعر الكبير إبراهيم ناجى، وغنت أم كلثوم أيضا للنيل فى مقاطع كثيرة من أغنيات أخرى.
وغنى الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب للنيل كثيرا ولعل أغنيته الشهيرة "النيل نجاشى" من أجمل ما قدم للنيل، وهى للشاعر الكبير أحمد شوقى وتقول كلماتها:
النيل نجاشى ... حليوه أسمر
عجب للونه دهب ومرمر..أرغوله فى إيده
يسبح لسيده .. حياة بلدنا .. يا رب ديمُه
قالت غرامى فى فلوكة ... وساعة نزهة ع الميه
لمحت ع البعد حمامة ... رايحة على الميه و جايه
ووقفت أنادى الفلايكى ... تعالى من فضلك خدنا
رد الفلايكى بصوت ملايكى ... قال مرحبا بكم مرحبتين
دى ستنا وأنت سيدنا.
والحقيقة أن "عبد الوهاب" فى هذه القصيدة وصل بتعبيره الصوتي لشدة الحب والغزل فى النيل، وهى الأغنية التى يرددها حتى الآن كل عشاق السهر عندما يجلسون ويشكون همومهم للنيل.
أما العندليب السمر عبد الحليم حافظ فقد غنى للنيل "يا حلو يا أسمر" التى كانت أول أغنياته فى الإذاعة، كلمات سمير محجوب وألحان محمد الموجى وتقول كلماتها :
يا تبر سايل بين شطين يا حلو يا أسمر
لولا سمارك جوّا العيـن ما كانش نـوّر
يا حلو يا أسمر
الدنيا من بعدك مرة يا ساقي وأدينا الحياة
دا للي يدوق طعمك مرة بالمستحيل أبداً ينساك
يا نعمة من الخلاق يا نيل دي مـيتـك ترياق يا نيل
وهنا عبر العندليب عن مدى أهمية النيل فى حياة المصريين لدرجة تشبيه مياهه بالتبر، أيضا غنى للنيل عشرات المطربين منهم من "نجاح سلام"، حيث قدمت للنيل أغنية "أنا النيل مقبرة للغزاة " كلمات محمود حسن اسماعيل، وتقول كلماتها:
أنا النيل مقبرة للغزاة أنا الشعب نارى تبيد الطغاة
أنا الموت فى كل شبر إذا عدوك يا مصر لاحت خطاه
يد الله فى يدنا أجمعين فصبوا الهلاك على المعتدين
قد رفعنا العلم للعلا والفدا في عنان السماء
ولم تقتصر الأغنيات التى تمجد النيل مع تعاقب الأجيال، إذ غنى له "محمد منير"، أغنية عروسة النيل، وعندما قام بتصوير أغنيته الأخيرة "دول ولادك " قام بتصويرها فى نهر النيل كتعبير عن أنه شريان حياة هذا الشعب، هذا وتعد أغنية شيرين عبدالوهاب "ما شربتش من نيلها"، وهى تعد أكثر الأغنيات الحديثة التى حققت انتشارا ونجاحا كبيرا فى كل الفضائيات المصرية والعربية.
تعليقات
إرسال تعليق