بحث عن الأسماك
السَّمَكُ (مُفردُها سَمَكَةٌ وجمعُها سِمَاكٌ وسُمُوكٌ) أو الْحُوتُ (جمعُها نِينانٌ وأنْوانٌ أو حِيْتانٌ وأحْوَاتٌ وحِوَتَةٌ) هي حيواناتٌ مائيَّةٌ قحفيَّة خيشوميَّة التنفُّس عديمةُ الأصابع في أطرافها. يدخلُ في هذا التعريف جميع أنواع الجلكيَّات والسُمُوك المُخاطيَّة والغُضرُوفيَّة والعظميَّة، إضافةً إلى مجموعةٍ كبيرةٍ من الفئات البائدة. حوالي 99% من أنواع السُمُوك الباقية تنتمي إلى طائفة شُعاعيَّات الزعانف، منها 95% تنتمي لِشُعيبة العظميَّات. والسُمُوك تُؤلِّف الطائفة الأولى في شُعبة الحبليَّات (وتشمل هذه السُمُوك والبرمائيَّات والزواحف والطُيُور والثدييَّات). وجسم السَّمكة مشيقٌ مُزعنفٌ وحرشفيٌّ وليس فيه عُنقٌ واضح. إنَّ جميع سُمُوك البرك والأنهار مشيقةُ الشَّكل مُكيَّفةٌ لِسُرعة الحركة في الماء. وتندفعُ السَّمكةُ بِحركات الذيل من جانبٍ إلى آخر بينما تعمل الزَّعانف على ضبط الاتجاه والوضع في الماء. والسُمُوك بِفضل خياشيمها قادرةٌ كالشراغيف على التنفُّس تحت الماء دونما حاجةٍ إلى الصُّعود من حينٍ لآخر لِتنفُّس هواء السطح كما يفعل الكثير من الأحياء المائيَّة الأُخرى. لكنَّ خياشيم السَّمك يُغطِّيها من كُلِّ جانبٍ غطاءٌ جلديٌّ متينٌ، وليس من السهل مُلاحظتها كما هي الحال في خياشم الشراغيف. وليست السُمُوك كُلُّها بِالشَّكل السمكي المألوف، فبعضُها مُفلطحٌ يعيشُ على مقرُبةٍ من قاع البحر ويستقرُّ أحيانًا على القاع فينسجم لون جسمه مع البيئة حواليه بحيثُ تتعذر استبانته.
أقدمُ الكائنات التي يُمكن تصنيفها سُمُوكًا كانت حبليَّات طريئة الأجساد ظهرت خلال العصر الكامبري. وعلى الرُغم من أنَّ هذه الكائنات افتقدت الأعمدة الفقاريَّة الحقيقيَّة، غير أنَّها تمتعت بِحبالٍ ظهريَّةٍ سمحت لها بأن تكون أكثر رشاقةً من نظيراتها اللافقاريَّة. استمرَّ تطُّور السُمُوك خلال حقبة الحياة القديمة، فظهرت منها أشكالٌ مُتنوِّعة عديدة، تميَّز الكثيرُ منها بِهياكل درعيَّة خارجيَّة تحميها من الضواري. ظهرت أولى السُمُوك الفكيَّة خلال العصر السيلوري، وسُرعان ما أصبح كثيرٌ منها (كالقُرُوش) ضوارٍ بحريَّةٍ مُهيبة بعد أن كانت أجدادها فرائسًا لِمفصليَّات الأرجل التي شاركتها موائلها. نظرًا لأنَّ جميع رُباعيَّات الأطراف نشأت من السُمُوك لحميَّة الزعانف، بحسب النظريَّة السائدة والمقبولة في المُجتمع العلمي، فإنَّ جميع تلك الكائنات تُعدَّ سُمُوكًا بحسب التصنيف التفرُّعي. على أنَّ أغلب العُلماء يعتبرون أنَّ السُمُوك تُشكِّلُ شبه عرقٍ حيويّ تُستثنى منه رُباعيَّات الأطراف، فهي لا تُشكِّلُ تصنيفًا خاصًّا بِذاته حسب مفاهيم علم الأحياء المنهجي.
مُعظم السُمُوك خارجيَّة الحرارة (باردة الدم)، ممَّا يعني أنَّ درجات حرارة أجسادها تتبدَّل بِتبدُّل حرارة البيئة المُحيطة بها، على أنَّ بعض الأنواع الضخمة من السَّابحات النشطة كالقرش الأبيض الكبير والتن، قادرةٌ أن تحفظ لأجسادها درجة حرارة أساسيَّة أكثر ارتفاعًا من درجة حرارة أجساد الأنواع الأُخرى. تتواصل السُمُوك مع بعضها صوتيًّا، غالبًا أثناء اقتياتها أو اقتتالها أو تودُّد الأليفان لِبعضهما.
السُمُوك وافرةٌ في مُعظم المُسطَّحات المائيَّة، ويُمكن العُثُور على أنواعٍ مُختلفةٍ منها في جُملةٍ من تلك البيئات، بدايةً من الجداول الجبليَّة (كالشَّار والقوبيون النهري) وانتهاءً بِالأعماق البحريَّة السحيقة، بل إنَّ بعضها يستوطن الأخاديد القاعيَّة في أعمق المُحيطات (مثل الإنقليس البرسمي والسمك البزَّاقي). ولم يُسجَّل بعد وُجُود أي نوعٍ من السُمُوك في أعمق 25% من المُحيط. يصلُ عدد أنواع السُمُوك الموصوفة وصفًا علميًّا إلى 34,300 نوع، لِتكون هذه الفئة بالتالي الأكثر تنوعًا بين جميع فئات الفقاريَّات.
يُعدُّ السَّمك من أهم الموارد الطبيعيَّة لِلإنسان، باعتباره من أبرز الأغذية التي يستهلكها البشر أو التي يعتاش الكثيرون من صيدها وبيعها. تُعرف المناطق الغنيَّة بالسُمُوك بِالمصايد البريَّة، وهي تُستغل لِتلبية مُتطلبات الأسواق، وفي العديد من الدُول والمناطق، تُربَّى السُمُوك في بُحيراتٍ أو أحواضٍ اصطناعيَّةٍ أو في أقسامٍ مُسيَّجةٍ من البحر تُعرف بِالمزارع السمكيَّة، وتُستغل لِتلبية الحاجات الغذائيَّة للناس، وكذلك في الصيد الترفيهي، وبعضُها يُباع لِلزينة أو يُعرض في الأحواض العامَّة لِلملأ. أثَّرت السُمُوك في الثقافات البشريَّة المُختلفة عبر العُصُور، فألَّهتها بعض الحضارات، وجُعلت رُمُوزًا دينيَّة، كما ذُكرت في القصص القُرآني والكتابي، وفي العديد من الأعمال الفنيَّة والإبداعيَّة من مُؤلَّفاتٍ أدبيَّة وأفلامٍ سينمائيَّة وغير ذلك.
يقولُ ابن منظور في لسان العرب: «السَّمَكُ: الحُوتُ مِنْ خَلْق الْمَاءِ، وَاحِدَتُهُ سَمَكَة، وجمعُ السَّمَكِ سِماكٌ وسُمُوكٌ… وسَمَكَ الشَّيْءَ يَسْمُكُه سَمْكاً فَسَمَكَ: رَفَعَهُ فَارْتَفَعَ». ويقُولُ زين الدين الرازي في مُختار الصحاح: «"الْحُوتُ": السَّمَكَةُ وَالْجَمْعُ "الْحِيتَانُ". قُلْتُ: وَهَكَذَا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ. وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهُ مُطْلَقَ السَّمَكَةِ قَوْلُهُ كلمة تعالى.png: ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾، وَالْمَنْقُولُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهَا كَانَتْ سَمَكَةً فِي مِكْتَلٍ… وَأَدَلُّ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ كلمة تعالى.png: ﴿إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ﴾». وكلمة «السَّمك» مُشتقة من جذر «س م ك»، وأغلب ما اشتُقَّ من هذا الجذر يُراد به إمَّا السقف أو الثخانة. جاء في مُعجم لُغة الفُقهاء: «السَمْك: بِفَتْحِ أَوََلَهُ وَسُكُونِ ثَانِيِهِ مِنْ سُمْك، ج سُمُوكٍ، السَّقْفَ // الثَّخَانَةُ». يقول ابن فارس في مُعجم مقاييس اللُغة: «السِّينُ وَالْمِيمُ وَالْكَافُ أَصلٌ وَاحِدٌ يُدُلُّ عَلَى الْعُلُوِّ. يُقَالُ: سَمَكَ، إِذَا اِرْتَفَعَ». ويقول مُحمَّد العدناني في مُعجم الأغلاط اللُّغويَّة المُعاصرة: «وَيُخْطِئُونَ مَنْ يَجْمَع السَّمَكَ عَلَى أَسْمَاكٍ، وَيَقُولُونَ إنَّ الصَّوَابَ هُوَ: سِمَاكٌ وَسُمُوكٌ…».
السُمُوك هي مجموعة شبه عرق، أي أن الفرع الحيوي الذي نشأت منه السُمُوك يشمل -بالضّرورة- جميع أنواع رُباعيَّات الأطراف (وهي أنواع من الفقاريَّات أصلها من السُمُوك، لكنها لا تُصنَّف مع السُمُوك حاليًّا، ومنها البرمائيَّات والزواحف والثدييَّات). ولا توجد حاليًا مجموعةٌ واحدةٌ في شجرة الكائنات الحيَّة تنطوي تحتها جميع السُمُوك، بل إن أنواع السُمُوك المُعاصرة مُوزَّعة بين ثلاث طوائف ضمن رُتبة الفقاريات. وهذه الطوائف (مع تقسيماتها الفرعية) هي كالآتي:
طائفة اللافكيَّات (سُمُوك بدون فُكُوك).
طُويئفة مُستديرات الفم (وهي الجلكيَّات والسُمُوك المُخاطية).
طُويئفة قوقعيَّات الأدمة (وهي سُمُوكٌ مُدرّعة ومُنقرضة عديمة الفُكُوك).
طائفة السُمُوك الغُضرُوفيَّة (سُمُوكٌ عديمة الهيكل العظمي).
طُويئفة الأشلاق أو صفيحيَّة الخياشيم (وهي القروش والشفنين).
طُويئفة كاملات الرؤوس (وهي سمك الفأر أو «الخُرافيَّات» وأقاربها).
طائفة السُمُوك العظميَّة (سُمُوكٌ لها هيكلٌ عظمي).
شُعاعيَّات الزعانف.
لحميَّات الزعانف.
كما أنَّ لِبعض السُمُوك المُنقرضة طوائف مُستقلّة، وهي كالآتي:
†لوحيَّات الأدمة (وهي السُمُوك المُدرَّعة المُنقرضة).
†القُرُوش الشوكيَّة (وهي تُصنَّف أحيانًا ضمن السُمُوك العظميَّة).
ما سلف هو التصنيف الدارج للسُمُوك في المراجع غير المُختصّة، إلا أن كثيرًا من المجموعات المذكورة أعلاه هي أشباه أعراق، أي أنَّها فُرُوعٌ حيويَّة تنحدر منها أنواعٌ أُخرى غير مُتضمَّنة في التقسيم السالف: فعلى سبيل المثال، أقدم طوائف السُمُوك نشوءًا هي اللافكيَّات، والتي نشأت منها الغُضروفيَّات ونشأت من تلك السُمُوك العظميَّة. ويمكن بِالرّجوع إلى تسميات التصنيف التفرعي الحيوي المُختصّة تقسيم السُمُوك بتفصيلٍ أكبر كالآتي:
طائفة الجلكيات
†طائفة درعيات الجناح
†طائفة حلمية الأسنان
†طائفة عديمات الألواح
طائفة الجلكانيَّات
السُمُوك المخاطية
†طائفة مخروطيات الأسنان
†طائفة أشباه مدرعات الرأس
†مدرعات العظم
†مدرعات الرؤوس
†طائفة مهلوسات الدروع
تحت شعيبة الفكيات
†طائفة لوحيات الأدمة
طائفة السُمُوك الغضروفية
†طائفة القروش الشوكية
عمارة السُمُوك العظمية
طائفة شعاعيات الزعانف
طُويئفة غضروعظميات
رتبة حفشيات الشكل (ومنها الحفش والسُمُوك المجدافية).
رتبة كثيرات الزعانف (ومنها سمك البشير وسمك الثعبان).
طُويئفة جديدات الزعانف
صُنيف كاملات العظام (ومنها سمك الرمح والآميا الملساء).
صُنيف العظميات (ومنها كثيرٌ من أنواع السمك المعروف).
طائفة لحميات الزعانف
طُويئفة السُمُوك الشعاعية (ومنها شوكيات الجوف).
طُويئفة السُمُوك الرئوية (وهي من أقارب رباعيات الأرجل).
ولعلماء التصنيف بعض الملاحظات على هذا التقسيم. إذ إنَّ مخروطيَّات الأسنان -مثلاً- من الحبليات (أي أن لها حبلًا ظهريًا)، ولهذا يعتبرها بعض علماء الإحاثة سُمُوكًا بدائيَّة. وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ تصنيف بعض مجموعات السُمُوك ضمن الحبليَّات غير مبتوتٍ فيه، ومنها الجلكيَّات، والتي يظنّ بعض العلماء أن تصنيفها الصحيح هو مع السُمُوك المُخاطية في مجموعة مُستديرات الفم.
تعليقات
إرسال تعليق