رواية امرأة وخمسة رجال الجزء الرابع عشر
تنحنح كمال لتسمعه علياء وتسرع بالخروج من الشقة لتجده واقفا بالخارج مطرق الرأس..لتقول بقلق وهي ترى شحوب وجهه:
إنت كويس ياكمال؟
رفع عينيه إليها ينظر إلى ملامحها الحبيبة ليهز رأسه نفيا قائلا:
أنا مش كويس أبدا ياعلياء..إحساس غريب واحنا بنزل خالتى عايدة القبر سيطر علية..أد إيه الموت قريب مننا..وأد إيه اللى بيشوف القبر ده واللى آخرتنا بتكون فيه..ساعتها بتهون عليه الدنيا كلها..لما شفت القبر سألت نفسى..ياترى عملى كويس وهيبقى روضة من رياض الجنة ولا هيبقى حفرة من حفر النار؟
ربتت علياء على كتفه قائلة بسرعة:
استهدى بالله ياأخويا..وصلى على النبى.
قال كمال فى حزن:
عليه الصلاة والسلام.
نظرت إلى عينيه قائلة فى حنان:
انت طيب ياكمال و طول عمرك آخد بالك من أهلك ،واللى معاك مش ليك..تفتكر حد زيك هيكون قبره إيه بعد عمر طويل بإذن الله غير روضة من رياض الجنة..ولا إيه ياأخويا؟
نظر إلى عينيها لايدرى بم يجيبها..أيقول لها أنه فعل ذنبا عظيما..عقابه فى الدنيا شديد أما عقابه فى الآخرة فهو يخشى مجرد التفكير فيه؟أيخبرها بمصيبته فيخسرها كما خسر كل شئ..كلا لن يخبرها..سيتركها تظن أنه صالحا..ويعلم الله أنه ما فعل جريمته وهو فى كامل وعيه..ولكن هل هذا عذرا كافيا ليغفر له إثمه عند بارئه؟..بالطبع لا..فلم يكن من المفترض أصلا أن يمس ما حذره منه الله ورسوله..فكل ما يغيب عقله ويجعله يتخطى حدود الله كان يجب أن يظل بعيدا عنه..أطرق برأسه فى خجل من نفسه وربه قائلا:
انا نازل تحت أقعد مع الرجالة ياعلياء..لو احتجتوا أي حاجة رنيلى.
قالت علياء:
ربنا يخليك لينا يارب..وما يحرمناش منك.
إلتفت مغادرا تتبعه بعينيها لتنظر إلى السماء قائلة:
ربنا يريح قلبك زي ما انت مريحنا ياكمال ياابن عزيزة.
اندفعت طفلة جميلة الملامح إلى أحضان تمارا التى أصابتها المفاجأة بصدمة لتقول الطفلة بسعادة:
انتى جيتى من السفر عشانى؟ ..انا فرحانة اوى..وحشتينى يامامى..وحشتينى أد الدنيا.
فهمت تمارا ما يحدث على الفور ..لتدرك أن تلك الطفلة هي إيلين ابنة غزل..لابد وأنها تظنها هي بسبب تلك الملامح التى تحملها والتى تخص والدتها..نظرت إلى ريان تستنجد به فوجدته يقف متجمدا..فعادت بنظراتها إلى الطفلة التى نظرت إلى عينيها بحب خلب لبها لتجد نفسها رغما عنها تقع فى حب تلك الطفلة الجميلة لتنزل على ركبتيها كي تصبح فى مستواها قائلة بحب:
انتى كمان وحشتينى ياإيللى.
رفعت الطفلة يدها تتلمس وجه تمارا قائلة فى عتاب:
كل الوقت ده مسافرة يامامى..انا كتبتلك جواب أقولك فيه ترجعى عشان وحشتينى وكنت هديه لبابى عشان يبعتهولك زي جواباتى التانية بس هو مجاش ..انا استنيته كتير وبعدين وقعت من على المرجيحة واتعورت وسبت الجواب هناك.
أحس ريان بالذنب يأكل قلبه وهو يستمع إلى كلمات الصغيرة وقد بدأ يتمالك نفسه بعد صدمة لقاء إيلين بتمارا..شبيهة أمها..ليستمع إلى صوت تمارا الحنون وهي تقول:
بابى اتصل بية ياإيللى وأول ما قاللى على حادثتك جيت أوام..مبقاش ليه لازمة الجواب.
عقدت إيللى حاجبيها قائلة:
انتى صوتك متغير كدة ليه يامامى؟
إرتبكت تمارا ولم تدرى بما تجيبها لينقذها ريان قائلا:
مامى هي كمان عملت حادثة ياحبيبتى وده خلى صوتها يتغير شوية صغيرين بس نفس التون بتاع صوت مامى هتلاقيه موجود..صح؟
اومأت الصغيرة برأسها ثم نظرت إلى تمارا قائلة:
شفتى يامامى..احنا الاتنين عملنا حادثة واتعورنا عشان كنا بعاد عن بعض..من النهاردة مش هتسيبينى أبدا ولا هتسافرى تانى.
نهضت تمارا متمتمة بصوت خافت:
بإذن الله ياإيللى ..بإذن الله.
ليقول ريان بعتاب موجها حديثه لإيلين:
بس إنتى سايبة أوضتك وخارجة ليه منها ياإيللى ..أنا مش قلتلك متخرجيش برة أوضتك أبدا.
قالت إيلين بعتاب طفولي:
كنت بدور عليك ياسى بابى..صحيت ملقتكش نايم جنبى..مش انتى قلتلى برده انك هتفضل نايم جنبى لحد ما اقوم من النوم؟
ابتسم ريان قائلا بهدوء:
كنت بشوف العيانين ياقلب بابى.
ابتسمت تمارا وهي تتابع هذا الحديث..تشعر بالدفء العائلي لأول مرة منذ زمن..تثائبت إيلين ليقول ريان:
انتى شكلك لسة عايزة تنامى..تعالى معايا وأنا أنيمك فى أوضتك .
تمسكت إيلين بيد تمارا قائلة:
لأ..مامى اللى هتنيمنى ..وحشنى حضنها..روح انت يا بابى للعيانين بتوعك وسيبلى مامى شوية.
نظر ريان إلى تمارا بارتباك لتومئ له برأسها .. اومأ برأسه بدوره قائلا:
خلاص ادخلوا إرتاحوا شوية فى الأوضة وأنا هروح أشوف العيانين بتوعى ياست إيللى وهرجعلكم كمان شوية.
ابتسموا لتسحب إيللى يد تمارا وهي تتجه لغرفتها..بينما يتابعهم ريان بعينيه قبل ان يهز كتفيه فى قلة حيلة..ويذهب ليتفقد مرضاه.
تعليقات
إرسال تعليق