رواية امرأة وخمسة رجال الجزء الثالث عشر
نظرت إلى ريان الذى عقد حاجبيه بشدة وقبض على يده بقوة وهي تقول مستطردة بإنهيار:
هو ده اللى دبحنى ..هو وأصحابه ياريان..هو ده.
اقترب منها على الفور وهو يلاحظ أنها على وشك أن تنهار..وأن مشاعرها المكبوتة منذ الحادث ظهرت مع أول ظهور لأحد المعتدين عليها..ليقول محاولا تهدئتها:
طب اهدى ياتمارا..اهدى عشان خاطرى.
صرخت فى وجهه قائلة:
أهدى إزاي..انت مش شايف؟
لتخبط على صدرها قائلة:
انا ضعت وهم عايشين حياتهم ولا على بالهم..انا ضعت وهما عايشين ومرتاحين.
وظلت تضرب على صدرها مرددة كلماتها المنهارة..ليضطر ريان إلى إمساك كلتا يديها بيد بينما يخرج هاتفه باليد الأخرى ويتصل برقم..لتصرخ قائلة وقد بدا أمامها تهذى:
سيبونى ياكلااااب..سيبوووونى.
أدرك ريان أنها لا تراه هو وإنما ترى المعتدين عليها ..لذا أحكم قبضته على يديها..وهو يقول لمحدثه على الهاتف بسرعة ممزوجة بالقلق:
حقنة مهدئة فى أوضة ١٤..حالا.
ليترك هاتفه وهو يمسك يديها بكلتا يديه يمنعها عن ضرب جسدها وهو ينظر إليها فى ألم و.........لوعة.
كانت ميار تجلس فى شرفة حجرتها تنظر إلى الحديقة فى شرود عندما انتفضت على صوت وليد وهو يضع يده حول عينيها قائلا:
انا مين؟
ابتسمت ابتسامة باهتة وهي تقول:
وليد.
رفع يده عن عينيها وهو يتجه إلى المقعد القابع بجوارها قائلا:
الجميل سرحان فى إيه؟
نظرت إليه تتأمل ملامحه الوسيمة وهي تقول بهدوء:
شكلك مزاجك رايق النهاردة على الآخر..أول مرة أشوفك بتهزر من زمان.
ابتسم وهو يرجع بظهره متمددا على كرسيه قائلا بارتياح:
فعلا..صفقة خلصناها ..كانت معقدة أوى بس الحمد لله تمت..وهتدخل للشركة أرباح هايلة.
تأملته للحظة قبل أن تقول:
هو انت مفيش حاجة بتبسطك غير الشغل والفلوس ياوليد؟
رنا إليها بنظراته للحظة قبل أن ينظر إلى الأمام قائلا فى برود:
فى وقت من الأوقات كان فيه حاجات تانية غير الشغل بتهمنى وبتسعدنى أوى بس مع الأسف..الحاجات دى راحت وراحت معاها الفرحة اللى من القلب.
عقدت حاجبيها فى حيرة وهي تلاحظ ذلك الشوق يغمر نبراته..بالتأكيد يتحدث عن ذلك الوقت الذى كان فيه عاشقا..اذا وليد لديه مشاعر كباقى البشر..حاولت أن تخرج منه اعترافا لتقول بهدوء يخالف مشاعر ثائرة تغزو كيانها كإمرأة تدرك ان زوجها واقع بحب غيرها:
وياترى إيه هي الحاجات دى ياوليد؟
نظر إليها بارتباك ثم قال متهربا من الإجابة:
قلتلك حاجات وراحت..خلاص مبقاش يفيد نتكلم فيها..المهم جهزى نفسك عشان فيه عشاء عمل مهم أوى وعايزك معايا.
أومأت برأسها لينهض مغادرا بهدوء تتبعه عيناها فى ألم وهي تقول:
مش قادر تنساها ياوليد..كدة أنا إتأكدت إنى مش ممكن يكون لية مكان فى قلبك..وإنى هعيش طول عمرى معاك فى عذاب...
لتربت على بطنها قائلة فى حزن:
طب انت ذنبك إيه ياحبيبى؟..ذنبك إيه تعيش مع أب وأم عايشين مع بعض بس عشان المظاهر ..ومفيش حاجة بتجمعهم غيرك انت؟
لتغمض عينيها على دمعة سقطت منها وهي تقول:
قادر ربنا يريحنا من عذابنا ياحبيبى..ويعوضنا بالخير كله..
لتفتح عينيها ناظرة للسماء وهي تقول فى رجاء:
يااارب.
تأمل ريان ملامح تمارا النائمة بهدوء كالملائكة منذ أن أعطاها تلك الحقنة المهدئة..يشعر بقلبه يتمزق حزنا عليها فقد كان اليوم هو أول يوم تواجه فيه حادثها الأليم وتستسلم لمشاعر خبأتها كثيرا داخل طيات قلبها..فكان الإنفجار مدويا..رفع يده يزيح خصلات شعرها والتى التصقت بجبينها المتعرق ليرجعها خلف أذنها بهدوء..ثم يخرج منديلا من جيبه ويمسح به جبينها بحنان..لترتعش شفتيها..تأمل شفتيها كثيرا..أراد الاقتراب..أراده بشده..لينهض بسرعة وهو يضع المنديل بجيبه قابضا على يديه بقوة يشيح بوجهه عنها..وذكرى قبلاته لتلك الشفاه تغمره مرارا وتكرارا..يمنع نفسه بقوة عن أن يميل تجاههم يتذوق شهدهم ربما للمرة الأخيرة.يذكر نفسه أن تلك ليست غزله..بل انها فتاة غريبة عنه..أصبحت تشبهها فى الملامح وربما أخذت قليلا من روحها ولكنها بالتأكيد ليست هي..ذهب إلى تلك النافذة ووقف أمامهايفكر فى شرود..ربما ما قالته تمارا قبل إنهيارها هو الحل الوحيد لمعضلته..رغم الألم الشديد الذى سينتابه لفراقها ..ولكن فراق مؤلم الآن..خير من فراق قاتل سيأتى عاجلا أم آجلا..حانت منه إلتفاتة إليها لتحنو نظراته ..إقترب منها ووقف أمامها تماما قائلا بهمس:
هتوحشينى ياغزل..بس لازم تبعدى ..عشان خاطر تمارا وعشان خاطرى..غصب عنى بشوفك فيها وغصب عنها هتتعذب معايا..ما هو مفيش واحدة فى الدنيا هتستحمل تكون مع واحد شايف غيرها فيها..وأنا مش شايف فيها غيرك ياغزل..قلبى ده ملكك إنتى وهيفضل ملكك طول العمر.
مد يده وربت على يدها بحب ليشعر بارتجافة يدها تحت يده..فأمسك الغطاء ودثرها به بحنان.. قبل أن يتركها ويغادر الغرفة ولكنه توقف كعادته ينظر إليها نظرة طويلة..يشبع عينيه من ملامحها..طالت تلك النظرة فى تلك المرة وكأنه يودعها بعينيه قبل أن يغلق الباب خلفه بهدوء.
لتفتح تمارا عينيها فى تلك اللحظة وتسقط منها دمعة وهي تقول فى همس حزين:
مفيش فى الدنيا دى زيك ياريان..الرجالة اللى زيك بقوا قليلين أوى..بس مع الاسف حظهم بيبقى قليل..ومع الاسف برده..الدنيا دى مليانة رجالة وحشة..قاسيين وغدارين..حيوانات فى صورة بني آدمين..زي إسماعيل وماجد...
لتقسو عينيها وهي تقول بحقد:
ووليد.......وليد السيوفى.
تعليقات
إرسال تعليق