رواية امرأة وخمسة رجال الجزء الثلاثون (الاخير)
قال ريان يقطع ذلك الصمت الذى ساد المكان بعد ان حكي لها عن اعترافات كمال والتى أخبره بها صديقه سامى:
هتعملى إيه ياتمارا؟
لترفع رأسها تنظر إلى عينيه قائلة:
مش هعمل حاجة.
عقد حاجبيه قائلا فى حيرة:
إزاي..وحقك؟
قالت تمارا:
مش شايف ان ربنا بيجيبهولى ومن غير ما أتدخل.
نظر إليها قائلا:
يعنى إيه يا تمارا؟..مش هتروحى وتقوليلهم انك تمارا وانه هو والاتنين التانيين دمروا حياتك وبعدوا عنك الإنسان اللى بتحبيه.
ابتسمت بمرارة قائلة:
لأ مش هروح..وليد وعزت ماتوا..وكمال زي ما قلتلى قال فى اعترافه ان مراته وابنه ماتوا وان ده عقاب من ربنا على عملته..مش كفاية كدة عليه؟..اعترافه لوحده خلانى اعرف أد إيه ربنا بيحبنى وأخدلى حقى من اللى ظلمونى..اتصل بصاحبك وخليه يخلوا سبيله..قوله إن حقى ربنا جابهولى ياريان..أما بقى ماجد فبعده عنى كان رحمة من ربنا لية..لإنى شفته على حقيقته..ومكنتش هقدر أكمل مع واحد بالشكل ده..حقيقى مكنتش هقدر.
نظر إليها فى حيرة قائلا:
يعنى انتى بطلتى تحبيه؟
نظرت إلى ملامحه الوسيمة والتى تعشقها ..كادت أن تقول..أنا لا أحب سواك أيها الرجل فى عالم قل به الرجال ..وإذا قارنت مشاعرى تجاهك بمشاعرى تجاه ماجد..سأكتشف على الفور أننى لم أحبه يوما..ولكنها حبست كلماتها داخل صدرها قائلة:
من اليوم اللى اتخلى فيه عنى واكتشفت بعدها خيانته لية وهو انتهى بالنسبة لى للأبد.
دق قلبه بقوة يعلن سعادته بتلك الحقيقة..قلبها خال من حب ذلك الماجد..ربما الآن لديه فرصة فى أن يكون له مكانا بقلبها..ربما آن الأوان ليعترف بعشقه لها..كاد أن يعترف لها بمكنون قلبه عندما وجدها تقول بكل حزم:
أنا عايزة أروح بيت ماما ياريان..دلوقتى..حالا.
ليسقط قلبه بين أضلعه......رعبا من فقدانها.
نزلت تمارا من السيارة تتأمل ذلك الشارع الذى تركته ضائعة تائهة..مكسورة الخاطر ضعيفة لتعود إليه وهي قوية..تختلف عن تلك الفتاة التى كانتها اختلافا كبيرا..لتجد يد تمسك يدها فنظرت إلى صاحبها بإمتنان والذى لم يكن سوى ريان يخبرها بتلك الحركة البسيطة أنه بجانبها ولن يتركها أبدا..لتبتسم وهي تمشى إلى جواره بخطوات واثقة..لتدلف إلى منزلها..تصعد السلالم حتى وصلت إلى شقة والدتها لتدق جرس الباب..فلم يجيبها أحد..دقته مجددا فلم يجيبها أحد..لتعقد حاجبيها وهي تنظر إلى ريان الذى قال:
جايز مش فى البيت أو خارجين..تعالى نسأل عليهم أي حد.
اومأت برأسها وهبطت معه إلى الأسفل لتخرج من المنزل وتتجه معه إلى عم محروس.. البقال المجاور للمنزل قائلة:
عم....
كادت ان تنطق بإسمه ولكنها تراجعت على الفور وهو ينظر إليها قائلا وقد ظن انها تسأل عن اسمه:
محروس يابنتى..عم محروس.
ابتسمت بارتباك قائلة:
من فضلك ياعم محروس..أنا كنت بسأل على أهل بيت الأستاذ إسماعيل..أنا خبطت على الباب وملقيتهمش..متعرفش هم راحوا فين؟
ظهر الحزن على ملامح عم محروس لتشعر بالتوجس وجدت ريان يربت على يدها..لتدرك أنها كانت تضغط على يده دون وعي منها وأنه أحس بقلقها ..نظرت إليه تطمئنه بعينيها..ثم عادت بعينيها إلى محروس..وهو يقول:
انتى مين يابنتى؟
قالت بهدوء:
أنا ..أنا صاحبة تمارا وكنت مسافرة ولسة راجعة النهاردة..فكنت حابة أطمن عليهم.
نظر إليها عم محروس قائلا:
تمارا..الله يرحمها بقى..من يوم ماراحت وعيلتها مشفتش طيب أبدا..ماجد خطيبها خطب أختها ويوم فرحهم كانت المأساة..أمها ماتت من حزنها..ولما دفناها ورجعنا لقينا حادثة بشعة..ماجد الله يرحمه بقى قتل ريم لما لاقاها..أستغفر الله العظيم.. احنا عندنا ولايا..المهم وفاء بنت خالتهم قتلته شكله كان معشمها بالجواز وخلي بيها..والمسكينة اتجننت بعد ما قتلته..عم إسماعيل كان هيتجنن هو كمان..الفضيحة وموت بنته قضوا عليه..ورغم كدة مرضاش يسيب قبر بنته أبدا ولما جبناه غصب عنه من المدافن..لقيناه تانى يوم جوة شقته ميت..مقدرش يستحمل موت مراته وبنته..انتحر..الله يرحمه بقى...بسم الله الرحمن الرحيم..مالك يابنتى؟
كانت تمارا تستمع إليه فى صدمة حتى انهار جسدها فأسرع ريان بإسنادها وقد أصابه الرعب لشحوب وجهها..أسرع عم محروس يناوله زجاجة مياه قائلا:
خليها تشرب شوية مية ياابنى.
أمسك ريان زجاجة المياه ليضعها برفق على شفتيها يمنحها بعضا منه..لتشرب رشفة واحدة ثم تبعد الزجاجة بيدها وهي تقول بضعف:
أنا كويسة..
ثم نظرت إلى محروس قائلة:
ألاقى قبرهم ده فين ياعم محروس؟
قال عم محروس:
هاجى معاكى يابنتى اوريهولك وأرجع..المكان قريب من هنا..مش بعيد.
قال ريان بقلق موجها حديثه إلى تمارا:
خليها يوم تانى ياتم...ياغزل..انتى تعبانة ..مش هتقدرى تتحملى.
نظرت إليه قائلة فى رجاء:
عشان خاطرى ياريان ودينى..مش هقدر أستنى لبكرة الصبح.
نبرة الرجاء فى صوتها ونظرتها المتوسلة إليه لم يدعا له خيارا..ليومئ برأسه فى هدوء قائلا:
اهدى بس واللى انتى عايزاه هيكون ياحبيبتى.
ليقبلها بنعومة ..يريها بطريقة عملية أن الحقيقة تكون أفضل بكثير من الأحلام..الأحلام..نعم..ربما يوما ما تخبره عنها..ربما.
جلست تمارا على شاطئ البحر ..تنظر إلى أمواجه المتلاطمة تماما كحياتها قبل ان يدخل ريان إلى حياتها لتستقر مشاعرها..ويدخل بضياءه يمحى ظلمات أعماقها..كم تعشقه هذا الوسيم الذى أثبت لها أن فى هذا العالم المقيت ..مازال هناك رجالا يحيون بين جنباته..وهو سيد هؤلاء الرجال.
أفاقت على يد توضع على عينيها تحجب عنها الرؤية..لتبتسم وهي تدرك يد من تلك؟لتسمع صوته العميق يقول بإبتسامة ظهرت فى تلك النبرة الرجولية الجذابة:
أنا مين؟
إبتسمت قائلة:
إنت سندى..وحبيبى..وكل ما لية.
ترك يديه تبتعد عن عينيها ولكنها إمتدت تلمس ذراعها العارية تثير فيها المشاعر وهو يلتفت ليجلس بجوارها محيطا يديها بين يديه قائلا بعشق:
هفضل دايما عاجز عن الرد أدام أرق كلام بسمعه من بين شفايفك إنتى.
تأملت ملامحه التى تعشقها قائلة:
وهفضل دايما عاجزة عن ان أوصفلك مشاعر جوايا ليك..مهما قلت عنها مش هقدر أوصفها....آاااه.
قال ريان فى قلق:
مالك ياتمارا ..فيكى إيه؟
إبتسمت قائلة:
متقلقش ياحبيبى..ده إبنك بس.. شكله غيران وبيخبطنى.
زفر ريان بإرتياح وهو يمد يده يربت على بطنها المنتفخة قائلا:
ربنا يخليكوا لية.
وضعت يدها على يده قائلة بحنان:
ويخليك لينا ياحبيبى..ويخليلنا إيللى..بالمناسبة.. هي فين مش كانت معاك؟
إبتسم قائلا:
إستأذنت تقعد مع تيمور اللى اتصاحبت عليه النهاردة الصبح..الجيل ده صعب..مبيضيعش وقت..
إبتسمت تمارا قائلة:
حبيبى شكله بيغير.
نظر إليها قائلا:
أوى ياتمارا..انا محبتش فى حياتى أدك انتى وأد غزل وإيلين..انتوا قلبى من جوة..روحى اللى عايش بيها..بس المسألة هنا مش مسألة غيرة بس..الجيل زي ما قلتلك صعب ولازم الواحد تبقى عينه فى وسط راسه عشان يقدر يحمى ولاده.
ربتت على يده قائلة:
إنت أدها ياعمر تمارا.
إبتسم لتبادله إبتسامته ثم مالبثت أن قالت بتردد:
ريان ..ممكن أسألك سؤال؟
أومأ برأسه قائلا:
طبعا ياحبيبتى اتفضلى.
قالت بحيرة:
انت عملت إيه مع أهل غزل..من يوم الليلة إياها وانا مسمعتش عنهم حاجة..لغاية النهاردة.
قال بإبتسامة :
لما خرجوا اهل غزل من البيت ..شفت فى عيون جلال نظرة الغدر..فروحت لواحد وخليته حطلى كاميرات فى البيت كله..واللى انتى كنت فاكراه بيظبط سلك التليفون..وفضلت مستنيه يغلط..وفعلا هو ما إتأخرش..ولما قبضت عليه ..خليت سامى صاحبى يجيبهم عنده فى المكتب..ويوريهم الفيديو ويهددهم لو شافهم بيقربوا لحد فينا هيوديهم فى ستين داهية..طبعا هم ما يعرفوش انى مكنتش هقدم الدليل ده للنيابة عشان مكشفش موضوع موت غزل..المهم إنهم بعدها خافوا وسافروا برة وخطرهم بعد عننا خالص.
قالت تمارا:
الحمد لله ..
ثم نظرت إليه رافعة إحدى حاجبيها وهي تقول:
مطلعتش سهل ابدا ياريان.
اكتفى ريان بإبتسامة هادئة..وهو يتأمل ملامحها الجميلة ثم لم يلبث أن تمدد بجوارها قائلا:
تمارا ..ممكن أنا كمان أسألك سؤال؟
أومأت برأسها ليقول بحيرة:
انتى ليه أصريتى تفضلى بملامح غزل مع انى عرضت عليكى أرجعلك ملامحك وإتأكدتى بنفسك إنى بحبك إنتى مش بحب ملامح غزل فيكى.
نظرت إلى عينيه وهي تقول:
تمارا القديمة ماتت يا ريان واتولدت واحدة جديدة على إيديك..ملامحها بس هتفكرنى بكل حاجة نفسى أنساها..ده غير إيلين.. مفكرتش فيها لو رجعتلى ملامحى هتعمل إيه؟ هتفقد مامتها من تانى..وبعدين ياسيدى أنا بحبك انت وعارفة انك بتحبنى أنا ..تمارا اللى جوايا..هعوز إيه فى الدنيا اكتر من كدة؟
إبتسم وهو يحيطها بذراعه يضمها إلى صدره يقبل يدها بعشق ثم يقول:
وأنا مش بس بحبك..أنا بعشقك ياتمارا.
تعليقات
إرسال تعليق