رواية امرأة وخمسة رجال الجزء الواحد والعشرون
قال عامر متأملا ملامحه:
حتى لو كان اللى هتخسره ده قلبك؟
نظر ريان إلى عامر قائلا بثبات:
حتى لو كان قلبى.
تنهد عامر قائلا:
اللى يريحك ياصاحبى وعموما أنا معاك ولو احتجتنى فى أي حاجة قول علطول ومتترددش.
ربت ريان على كتف صديقه وابن عمه قائلا:
عارف ياعامر..ربنا يديم الحب والمودة بينا.
ابتسم عامر قائلا:
طيب ..أنا قايم أمشى عشان ورايا مشوار مهم..أشوفك بعدين.
قال ريان :
مش هتتغدى معانا.
قال عامر:
مرة تانية بقى..سلام
قال ريان:
سلام ياصاحبى.
نهضت ميار قائلة بعصبية:
صاحبتك دى أكيد كدابة..وليد مستحيل يعمل كدة.
نظرت تمارا إليها بهدوء وهي تقول:
وليه مستحيل؟..شخصية زي وليد مستبعدش إنها تعمل أكتر من كدة كمان..وعموما هي قالتلى على حاجة ممكن تكون دليل على كلامها.
عقدت ميار حاجبيها قائلة:
وإيه هي الحاجة دى؟
قالت تمارا بهدوء:
فى الليلة دى وهو بيغتصبها ولإنه كان أول واحد فهي قاومته بكل قوتها وجرحته فى كتفه..ساعتها من ألمه ضربها جامد وهي أغمى عليها بعدها..أكيد انتى عارفة إذا كان جوزك إتجرح فى كتفه فى الليلة دى أو لأ..وعارفة برده ان حاجة زي دى مش هيعرفها غير البنت دى وانتى ..صح؟
شحب وجه ميار على الفور وهي تتذكر تلك الليلة جيدا وتتذكر وليد وجرح كتفه الذى قال أنه نتج عن حادث..لتجلس مجددا فما عادت قادرة على الوقوف وتدرك تمارا أن ميار الآن تصدقها ..لتقول ميار بضعف:
إزاي قدر يعمل حاجة زي دى..إزاااي؟
ربتت تمارا على يدها قائلة:
هدى نفسك ياميار..اللى زي وليد كتير..بيبقى معندهمش أخلاق ولا ضمير يمنعهم عن الغلط..المهم دلوقتى ..انتى ناوية على إيه بعد ما عرفتى؟
نظرت إليها ميار لثوانى فى ضياع..قبل أن تقسو عينيها وهي تقول:
مش هفضل عل ذمته ثانية واحدة طبعا ..هطلب الطلاق وفورا.
قالت تمارا بهدوء:
وتفتكرى كدة هترتاحى؟
نظرت إليها ميار قائلة بإستنكار:
أوعى تكونى هتنصحينى أفضل معاه بعد اللى عرفته؟
هزت تمارا رأسها نفيا وهي تقول:
ﻷ طبعا..بس وليد لازم يدفع التمن يا ميار..تمن اللى عمله مع تمارا وتمن اللى عمله معاكى ومع غيرك..ده غير صفقاته المشبوهة.
عقدت ميار حاجبيها بشدة قائلة:
صفقات مشبوهة؟
اومأت تمارا برأسها قائلة:
ريان أجر تحرى خاص..وعرفنا كتير عن حياة وليد..زي البنات اللى استغل برائتهم وبعدين رماهم فى الشارع زي الكلاب وآخرهم واحدة اسمها روان..كانت شغالة سكرتيرة عنده.
ظهرت المرارة جلية على وجه ميار لتدرك تمارا أنها تعرف بقصتها..لتستطرد قائلة:
ده غير إنه بيمشى شغله بالرشاوى وصفقته الأخيرة كانت متهربة ياميار والورق اللى فى خزنته دليل كافى على كلامى.
اتسعت عينا ميار بصدمة ..وهي تقول:
أنا بابا داخل معاه فى صفقة جديدة..مصيبة لا تكون متهربة هي كمان..وبابا يروح فيها .. دى ماما تموت لو حصل كدة.
قالت تمارا:
متقلقيش هنلحقه قبل ما يتورط..المهم تجيبيلنا الورق اللى موجود فى الخزنة واحنا هنتصرف.
نظرت إليها ميار قائلة فى جزع:
لأ طبعا مقدرش..هيتعرف إنى أنا اللى عملتها وساعتها مش هيرحمونى.
قالت تمارا:
متخافيش ياميار ..هاتى الورق وتعالى واحنا هنحميكى.
نظرت إليها بتردد للحظات ثم لم تلبث أن نهضت قائلة وعيونها تترقرق بالدموع:
أنا آسف ياغزل..مش هقدر أعمل كدة..أنا عارفة إنى كدة أبقى جبانة وواقفة فى صف الظالم بس المخاطرة كبيرة أوى وأنا مش أدها..كل اللى هقدر أعمله إنى أطلق وأبعد عنه وبس..وأسيب عقابه لربنا..سامحينى ياغزل ..سامحينى.
وأسرعت بالمغادرة وعيون تمارا تتابعها قائلة بهمس:
حاسة بيكى ياميار ..أنا كمان كنت زيك ضعيفة وخايفة لغاية مالقيت إيد اتسندت عليها وقوتنى..وانتى كمان يوم ما هتحسى ان فى ضهرك حد يطمنك..هتبقى قوية وتقدرى تتحدى الظلم وتغيرى مصيرك..كل اللى فى إيدى ليكى دلوقتى دعوة هدعيهالك من قلبى ..ربنا يريح قلبك وينصرك على اللى ظلموكى ياحبيبتى.
كانت ميار تسرع بخطواتها وعيناها تغشاها الدموع فلم ترى أمامها لترتطم بعامر الذى كان يغادر البوابة بدوره فيختل توازنهما سويا ويسقط عامر وفوقه ميار التى أغمضت عينيها بقوة للحظات ليتأمل عامر ملامحها الرقيقة والتى خلبت لبه خاصة وهو يرى وجهها الغارق بالدموع يتساءل عن سر حزن تلك الجميلة..ليجد نفسه رغما عنه يمد يده ليمسح تلك الدموع ولكن ما إن لامست يده وجنتها حتى فتحت عيناها بقوة تنظر إليه لتتجمد يده مكانها بل يتجمد هو تماما وهو يقع أسير عينيها بينما انتفضت بقوة واتسعت عيناها بصدمة وهي تراه و ترى ذلك الوضع الذى وجدت نفسها به..لتنهض بارتباك وخجل ..ثم تسرع باتجاه سيارتها بينما ظل هو فى مكانه يتابعها لتلتفت تلقى عليه نظرة أخيرة لتجده مازال ينظر إليها لتزداد خجلا وارتباكا وهي تسرع بالدلوف إلى سيارتها لتقودها مبتعدة عنه..ليتنهد بقوة وهو يتساءل عن تلك الفتاة التى ذهبت آخذة معها نبضات خافقه.
تعليقات
إرسال تعليق